في كل بستان زيتون تونسي تدور كيمياء هادئة بين الشمس والتربة وخبرة أجيال متعاقبة ومن هذا التفاعل تولد جزيئتان فريدتان البوليفينولات والأوليوكانثال حارسا النكهة والصحة والمهندسان الصامتان اللذان يمنحان زيت الزيتون التونسي قوته وتميزه وفي مؤسستنا يساعدنا فهم هذه المركبات على إنتاج زيوت زيتون تجمع بين الأصالة والدقة العلمية

ما هي البوليفينولات؟
تُعدّ البوليفينولات في زيت الزيتون البكر الممتاز مضادات أكسدة طبيعية تدعم الزيت وتحافظ على جودته وهي مسؤولة عن حماية الزيت من الأكسدة وتعزيز الفوائد الصحية المرتبطة بالتغذية المتوسطية وتحديد أهم الخصائص الحسية مثل المرارة المحبّبة واللذعة أو اللكمة الفلفلية وطول مدة الصلاحية إضافة إلى التأثيرات المضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة وتشمل هذه المركّبات عناصر فعّالة مثل مشتقات الهيدروكسي تايروسول والتايروسول إضافة إلى مركّبات أخرى قوية مثل الأوليوكانثال والأوليواسين المعروفة بقدرتها على دعم صحّة القلب ومقاومة الالتهابات والمساعدة في استقرار الزيت مع مرور الزمن وتختلف كمية البوليفينولات في الزيت حسب صنف الزيتون والمنطقة المناخية والزراعية وموعد الجني وطريقة العصر
فثمار الشّتوي في شمال تونس عند جنيها المبكر تميل إلى مستويات أعلى من البوليفينولات والأوليوكانثال، وتقدّم طعمًا أقوى ونهاية فلفلية أوضح مقارنةً بأصناف الجنوب المتأخر حصادها
ولضبط الجودة يُقاس إجمالي الفينولات باختبار مخبري وتحديد المركّبات الدقيقة داخلها
الأوليوكانثال: الجزء المسؤول عن وخزة الحلق
الأوليوكانثال مركّب مميّز كامن في لُبّ الزيتون وهو الذي يمنح زيت الزيتون البكر الممتاز تلك الوخزة الفلفلية في أسفل الحلق، والتي قد تُحدث سعالًا خفيفًا عند تذوّق الزيت الطازج — علامة على جودة الزيت وقوّته وارتفاع قيمته المضادة للالتهابات
وتشير الدراسات إلى أنّ الأوليوكانثال قد يشكّل نسبة كبيرة من البوليفينولات في الزيوت المعصورة بطرق دقيقة، وهو يمتلك تأثيرًا يشبه تأثير المسكّنات الطبيعية في تخفيف الالتهابات، مما يجعله مؤشرًا مهمًا لطزاجة الزيت وجودته
البوليفينولات والأوليوكانثال: سرّ قوة زيت الشتوي وزيت الشملالي
يُعرَف صنف الشّتوي، المزروع أساسًا في الشمال، بنكهاة جريئة وكثيفة تشكّل مستويات طبيعية مرتفعة من البوليفينولات والأوليوكانثال. وتمنح هذه المركبات مرارته الواضحة ونهايته الفلفلية وثباته التأكسدي الاستثنائي، ما يجعله من أغنى زيوت البلاد بمضادات الأكسدة. وبفضل هذا الثراء الفينولي يقدّم الشّتوي فوائد ملحوظة مضادّة للالتهاب وداعمة للقلب، ويتألق خصوصًا عند استخدامه نيئًا في التذوّق والسلطات والغموس والإضافة النهائية للأطباق
أمّا الشملاّلي، المزروع في الوسط والجنوب التونسي، فيُنتج زيتًا أكثر ليونة ونعومة في نكهته، ومع ذلك يظلّ غنيًا بالمركّبات الفينولية القيّمة، بما فيها الأوليوكانثال. ويسهم المناخ الجاف حيث ينمو هذا الصنف في إحداث “إجهاد” طبيعي للنبات، الأمر الذي قد يرفع من إجمالي الفينولات ويعزّز القدرة المضادّة للأكسدة للزيت رغم طابعه الحسيّ الأكثر نعومة. ويمتاز زيت الشملاّلي عادةً بمستوى متوسط من البوليفينولات وتوازن جيّد في الأوليوكانثال، مع نكهات لطيفة وعطرية ولمسة مرارة خفيفة، مما يجعله خيارًا مثاليًا للمطبخ اليومي، سواء في الطهي أو التتبيلات أو إعداد الصلصات المنزلية
معًا، يكشف هذان الصنفان كيف تصنع البوليفينولات والأوليوكانثال هوية زيت الزيتون التونسي، بين القوة في الشمال والنعومة في الجنوب
في أوليفو نؤمن بأنّ زيت الزيتون ليس مجرّد غذاء، بل هو قوّة الطبيعة والعِلم معًا،ولذلك نختار أصنافنا بعناية ونعصرها بدقّة، ونحافظ فيها على أهم المركّبات الطبيعية , لتقدّم كلّ زجاجة قيمة غذائية مثبتة علميًا, هوية تونسية أصلية, توازنًا حسيًا أمثل ومضادات أكسدة طبيعية محفوظة.
يستند هذا المقال إلى البحث
« Etude des Performances Variétales chez l’Olivier en Tunisie »